عندما تم الإعلان عن الخطط، تعجب العدید من المتفرجین من حجمها وعظمتها. تضمنت رؤیة المملکة العربیة السعودیة 2030 - خطة البلاد للتنویع بعیدًا عن الاعتماد على عائدات النفط - کل شیء بدءًا من منحدر التزلج فی الصحراء، إلى مدینة بأکملها للریاضة والترفیه فقط، إلى مدینة ضخمة خالیة من الکربون وخالیة من الکربون نیوم وسط الصحراء.
کانت رؤیة 2030 أیضًا تدور حول تغییر المفاهیم حول المملکة العربیة السعودیة على الساحة الدولیة. اعتبرت المشاریع المختلفة علامة على التحدیث فی الدولة المحافظة دینیا. مع ذلک، منذ الإعلان عن الخطة الطموحة فی عام 2015، تغیرت الأمور کثیرًا. على مدى الأشهر القلیلة الماضیة، أوضح وزراء فی الحکومة السعودیة کیف تم تقلیص نطاق رؤیة 2030.
فی دیسمبر 2023، قال وزیر المالیة محمد الجدعان إن بعض مشاریع رؤیة 2030 ستتأخر. فی أبریل، وفی اجتماع بالریاض للمنتدى الاقتصادی العالمی، قال الجدعان إن المملکة العربیة السعودیة تتکیف مع الظروف الحالیة. على سبیل المثال، تم تقلیص خط عملاق ولامع من ناطحات السحاب ذات المرایا فی الصحراء یسمى "ذا لاین" وهو أحد أهم المشاریع الفرعیة لنیوم - من القوس الأصلی الذی یبلغ طوله 170 کیلومترًا إلى ما یزید قلیلاً عن کیلومترین (حوالی 1.2 میل).
هذا لیس التعدیل الأول على نیوم أیضًا. کان من المفترض أن یتم الانتهاء من المشروع بحلول عام 2030، ولکن یبدو الآن أنه من المرجح أن یستغرق 20 عامًا أخرى. قال مراقبون إنه کان من المفترض أن تبلغ تکلفته حوالی 500 ملیار دولار (468 ملیار یورو)، لکن میزانیة نیوم قد تصل إلى 2 تریلیون دولار.
التأخیر وتجاوز المیزانیة
لم تسیر الجوانب الأخرى من رؤیة 2030 کما هو مخطط لها أیضًا. کان الهدف من بعض المشاریع الأکثر طموحا جذب المستثمرین الأجانب إلى المملکة العربیة السعودیة، لکن المملکة الصحراویة تواجه صعوبة فی القیام بذلک وظلت مستویات الاستثمار الأجنبی المباشر أقل من المتوقع. وقال محللون إن عدم الاستقرار الإقلیمی - مثل الصراع فی غزة - والافتقار إلى الشفافیة التنظیمیة السعودیة یجعل المستثمرین مترددین.
على الرغم من أن المملکة العربیة السعودیة کانت تتوقع دائمًا أن تتحمل الکثیر من فاتورة رؤیة 2030، إلا أنها مضطرة الآن إلى دفع کل هذه الفاتورة تقریبًا. ویأتی جزء کبیر من هذا التمویل عبر صندوق الاستثمارات العامة، أحد أکبر صنادیق الثروة السیادیة فی العالم، والذی تغذیه عائدات النفط السعودی.
فی مارس، حولت الحکومة السعودیة 8% من أسهم شرکة النفط المملوکة للدولة، أرامکو، إلى صندوق الاستثمارات العامة. هذا یعنی أن صندوق الاستثمارات العامة یمتلک الآن 16% من شرکة أرامکو، بقیمة 2 تریلیون دولار، مما یجعلها رابع أکبر شرکة فی العالم من حیث القیمة. أشار النقاد أیضًا إلى حقیقة أنه على الرغم من أن صندوق الاستثمارات العامة یدیر محفظة أصول بقیمة 940 ملیار دولار، إلا أنه لا یملک سوى حوالی 15 ملیار دولار من الأموال.
قال محللون إن هذا الاعتماد على أسعار النفط هو ما یجعل مشاریع رؤیة 2030 عرضة للخطر. قال صندوق النقد الدولی إن السعودیین بحاجة إلى أسعار النفط حول 96 دولارًا للبرمیل من أجل تحقیق رؤیة 2030.
هل رؤیة 2030 فی ورطة حقیقیة؟
قال روبرت موغیلنیکی، الباحث البارز المقیم فی معهد دول الخلیج الفارسی فی واشنطن، "فی ظل مجموعة هذه العوامل، من الصعب عدم التوصل إلى نتیجة مفادها أن هناک درجة معینة من المناورة فی السیاسة الاقتصادیة الجاریة [فی المملکة العربیة السعودیة] فی الوقت الحالی".
قال إن بعض التصریحات الأخیرة للمسؤولین السعودیین، التی تشیر إلى أن الجداول الزمنیة قد تحتاج إلى إعادة تقییم فی بعض المشاریع، یمکن اعتبارها غیر عادیة نسبیًا. "إنه شیء لم نسمعه حقًا منذ إطلاق رؤیة 2030." مع ذلک، یرى موغیلنیکی أن "وضع رؤیة 2030 لیس مذهلاً، ولا کارثیًا کما یتصور الکثیر من الناس. والحقیقة هی أنها فی مکان ما فی المنتصف".
بعض جوانب رؤیة 2030 تعمل بشکل جید. وخلص تقریر نصف سنوی أصدره بنک الاستثمار الأمریکی سیتی جروب فی فبرایر إلى أن أشیاء مثل مشارکة المرأة فی القوى العاملة، ومستویات ملکیة المنازل لدى السکان المحلیین، والإیرادات من القطاعات غیر المرتبطة بالنفط، قد شهدت جمیعها "تقدما کبیرا". وفی بیان صدر فی یونیو، بعد مهمة إلى المملکة العربیة السعودیة، خلص الباحثون فی صندوق النقد الدولی إلى أن "التحول الاقتصادی غیر المسبوق فی البلاد یتقدم بشکل جید".
أوضح موغیلنیکی أنه منذ أن أطلقت المملکة العربیة السعودیة رؤیة 2030، تطورت المشاریع المختلفة داخلها. کان البرنامج متنوعًا للغایة ویعتمد على التطویر السریع. أشار إلى أنه أضف تکالیف بعض مشاریع رؤیة 2030 الأکثر تکلفة إلى التمویل الیومی المطلوب للحفاظ على استمرار المملکة العربیة السعودیة، ویمکنک أن ترى سبب الحاجة إلى إعادة التقییم الآن. ویُنظر الآن إلى بعض المشاریع، مثل تطویر الهیدروجین الأخضر، على أنها أکثر جدارة بالاهتمام، سیتم منح الآخرین جدول زمنی أطول.
أشار إلى أنه من غیر المرجح أن یؤدی أی من هذا إلى إضعاف قبضة الأسرة الحاکمة السعودیة على السلطة. وقال موغیلنیکی: "من المؤکد أن السعودیین لا یزال لدیهم الکثیر من الأوراق لیلعبوا بها، ولکن من الصحیح أیضًا أنهم فی الوقت الحالی لا یعملون بأقوى ید ممکنة". "لقد بدأت [رؤیة 2030] تحولًا کبیرًا وجوهریًا فی المسارات الاقتصادیة والاجتماعیة فی المملکة العربیة السعودیة. لکن لا یزال هناک قدر کبیر من العمل فی المستقبل."